فصل: تفسير الآيات (88- 91):

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير (نسخة منقحة)



.تفسير الآيات (82- 83):

{أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82) وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلَى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا (83)}
الهمزة في قوله: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ} للإنكار، والفاء للعطف على مقدّر، أي: أيعرضون عن القرآن، فلا يتدبرونه. يقال تدبرت الشيء: تفكرت في عاقبته وتأملته، ثم استعمل في كل تأمل، والتدبير: أن يدبر الإنسان أمره كأنه ينظر إلى ما تصير إليه عاقبته، ودلت هذه الآية، وقوله تعالى: {أَفَلاَ يَتَدَبَّرُونَ القرءان أَمْ على قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا} [محمد: 24] على وجوب التدبر للقرآن؛ ليعرف معناه. والمعنى: أنهم لو تدبروه حق تدبره لوجدوه مؤتلفاً غير مختلف، صحيح المعاني، قوي المباني، بالغاً في البلاغة إلى أعلى درجاتها {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً} أي: تفاوتاً وتناقضاً، ولا يدخل في هذا اختلاف مقادير الآيات، والسور؛ لأن المراد اختلاف التناقض والتفاوت، وعدم المطابقة للواقع، وهذا شأن كلام البشر لاسيما إذا طال، وتعرّض قائله للإخبار بالغيب، فإنه لا يوجد منه صحيحاً مطابقاً للواقع إلا القليل النادر.
قوله: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمن أَوِ الخوف أَذَاعُواْ بِهِ} يقال: أذاع الشيء وأذاع به: إذا أفشاه، وأظهره، وهؤلاء هم جماعة من ضعفة المسلمين كانوا إذا سمعوا شيئاً من أمر المسلمين فيه أمن نحو ظفر المسلمين، وقتل عدوّهم، أو فيه خوف نحو هزيمة المسلمين وقتلهم أفشوه، وهم يظنون أنه لا شيء عليهم في ذلك. قوله: {وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرسول وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ} وهم أهل العلم والعقول الراجحة الذين يرجعون إليهم في أمورهم أو هم الولاة عليهم {لَعَلِمَهُ الذين يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ} أي: يستخرجونه بتدبيرهم وصحة عقولهم. والمعنى: أنهم لو تركوا الإذاعة للأخبار حتى يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي يذيعها، أو يكون أولي الأمر منهم هم الذين يتولون ذلك؛ لأنهم يعلمون ما ينبغي أن يفشى، وما ينبغي أن يكتم. والاستنباط مأخوذ من استنبطت الماء: إذا استخرجته. والنبط: الماء المستنبط أوّل ما يخرج من ماء البئر عند حفرها. وقيل: إن هؤلاء الضعفة كانوا يسمعون إرجافات المنافقين على المسلمين فيذيعونها، فتحصل بذلك المفسدة. قوله: {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان إِلاَّ قَلِيلاً} أي: لولا ما تفضل الله به عليكم من إرسال رسوله، وإنزال كتابه لاتبعتم الشيطان، فبقيتم على كفركم إلا قليلاً منكم، أو إلا اتباعاً قليلاً منكم، وقيل: المعنى: أذاعوا به إلا قليلاً منهم، فإنه لم يذع ولم يفش. قاله الكسائي، والأخفش، والفراء، وأبو عبيدة، وأبو حاتم، وابن جرير. وقيل: المعنى لعلمه الذين يستنبطونه إلا قليلاً منهم، قاله الزجاج.
وقد أخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ الله لَوَجَدُواْ فِيهِ اختلافا كَثِيراً} يقول: إن قول الله لا يختلف، وهو حق ليس فيه باطل، وإن قول الناس يختلف.
وأخرج عبد بن حميد، ومسلم، وابن أبي حاتم، من طريق ابن عباس، عن عمر بن الخطاب قال: لما اعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه دخلت المسجد، فوجدت الناس ينكتون بالحصا، ويقولون: طلق رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه، فقمت على باب المسجد، فناديت بأعلى صوتي: لم يطلق نساءه، ونزلت هذه الآية: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمن أَوِ الخوف أَذَاعُواْ بِهِ وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرسول وإلى أُوْلِى الأمر مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الذين يستنبطونه منهم} فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، عن ابن عباس في الآية، قال هذا في الإخبار إذا غزت سرية من المسلمين أخبر الناس عنها، فقالوا: أصاب المسلمون من عدوهم كذا وكذا، وأصاب العدوّ من المسلمين كذا وكذا، فأفشوه بينهم من غير أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو يخبرهم به.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك: {وَإِذَا جَاءهُمْ} قال: هم أهل النفاق.
وأخرج ابن جرير، عن أبي معاذ مثله.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {وَلَوْلاَ فَضْلُ الله عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لاَتَّبَعْتُمُ الشيطان} قال: فانقطع الكلام. وقوله: {إِلاَّ قَلِيلاً} فهو في أوّل الآية يخبر عن المنافقين: قال: {وَإِذَا جَاءهُمْ أَمْرٌ مّنَ الأمن أَوِ الخوف أَذَاعُواْ بِهِ} {إِلاَّ قَلِيلاً} يعني: بالقليل المؤمنين.

.تفسير الآيات (84- 87):

{فَقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لَا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْسًا وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا (84) مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَمَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَهُ كِفْلٌ مِنْهَا وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ مُقِيتًا (85) وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا (86) اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَيَجْمَعَنَّكُمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَا رَيْبَ فِيهِ وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا (87)}
الفاء في قوله: {فَقَاتِلْ} قيل: هي متعلقة بقوله: {وَمَن يقاتل في سَبِيلِ الله} [النساء: 74] إلخ، أي: من أجل هذا فقاتل، وقيل: متعلقة بقوله: {وَمَا لَكُمْ لاَ تقاتلون في سَبِيلِ الله} [النساء: 75] فقاتل وقيل: هي جواب شرط محذوف يدل عليه السياق تقديره: إذا كان الأمر ما ذكر من عدم طاعة المنافقين فقاتل، أو إذا أفردوك وتركوك فقاتل. قال الزجاج: أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بالجهاد، وإن قاتل وحده؛ لأنه قد ضمن له النصر. قال ابن عطية: هذا ظاهر اللفظ، إلا أنه لم يجيء في خبر قط أن القتال فرض عليه دون الأمة. فالمعنى والله أعلم: أنه خطاب له في اللفظ، وفي المعنى له ولأمته، أي: أنت يا محمد وكل واحد من أمتك يقال له: {فَقَاتِلْ في سَبِيلِ الله لاَ تُكَلَّفُ إِلاَّ نَفْسَكَ} أي: لا تكلف إلا نفسك، ولا تلزم فعل غيرك، وهو استئناف مقرّر لما قبله؛ لأن اختصاص تكليفه بفعل نفسه من موجبات مباشرته للقتال وحده. وقريء: {لاَ تُكَلَّفُ} بالجزم على النهي، وقريء بالنون.
قوله: {وَحَرّضِ المؤمنين} أي: حضهم على القتال، والجهاد، يقال حرّضت فلاناً على كذا: إذا أمرته به، وحارض فلان على الأمر وأكبّ عليه وواظب عليه بمعنى واحد. قوله: {عَسَى الله أَن يَكُفَّ بَأْسَ الذين كَفَرُواْ} فيه إطماع للمؤمنين بكفّ بأس الذين كفروا عنهم، والاطماع من الله عز وجلّ واجب، فهو وعد منه سبحانه، ووعده كائن لا محالة {والله أَشَدُّ بَأْساً} أي: أشدّ صول وأعظم سلطاناً {وَأَشَدُّ تَنكِيلاً} أي: عقوبة، يقال: نكلت بالرجل تنكيلاً من النكال وهو: العذاب. والمنكل الشيء الذي ينكل بالإنسان.
{مَّن يَشْفَعْ شفاعة حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مّنْهَا} أصل الشفاعة والشفعة ونحوهما من الشفع وهو: الزوج، ومنه الشفيع؛ لأنه يصير مع صاحب الحاجة شفعاً، ومنه ناقة شفوع: إذا جمعت بين محلبين في حلبة واحدة، وناقة شفيع: إذا اجتمع لها حمل وولد يتبعها. والشفع: ضمّ واحد إلى واحد، والشفعة: ضم ملك الشريك إلى ملكك، فالشفاعة: ضمّ غيرك إلى جاهك ووسيلتك، فهي على التحقيق إظهار لمنزلة الشفيع عند المشفع، واتصال منفعة إلى المشفوع له. والشفاعة الحسنة هي: في البرّ والطاعة. والشفاعة السيئة في المعاصي، فمن شفع في الخير؛ لينفع فله نصيب منها، أي: من أجرها، ومن شفع في الشر، كمن يسعى بالنميمة والغيبة كان له كفل منها، أي: نصيب من وزرها. والكفل: الوزر والإثم، واشتقاقه من الكساء الذي يجعله الراكب على سنام البعير لئلا يسقط، يقال اكتفلت البعير: إذا أدرت على سنامه كساء وركبت عليه؛ لأنه لم يستعمل الظهر كله بل استعمل نصيباً منه، ويستعمل في النصيب من الخير والشرّ.
ومن استعماله في الخير قوله تعالى: {يُؤْتِكُمْ كِفْلَيْنِ مِن رَّحْمَتِهِ} [الحديد: 28] {وَكَانَ الله على كُلّ شَئ مُّقِيتاً} أي: مقتدراً، قاله الكسائي.
وقال الفراء: المقيت الذي يعطي كل إنسان قوته يقال: قته أقوته قوتاً، وأقته أقيته إقاتة، فأنا قائت ومقيت، وحكى الكسائي أقات يقيت.
وقال أبو عبيدة: المقيت الحافظ. قال النحاس: وقول أبي عبيدة أولى؛ لأنه مشتق من القوت، والقوت معناه: مقدار ما يحفظ الإنسان.
وقال ابن فارس في المجمل: المقيت المقتدر، والمقيت: الحافظ والشاهد. وأما قول الشاعر:
ألي الفضل أم عليّ إذا حو ** سبت إني على الحساب مقيت

فقال ابن جرير الطبري إنه من غير هذا المعنى.
قوله: {وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} التحية تفعلة من حييت، والأصل تحيية مثل ترضية وتسمية؛ فأدغموا الياء في الياء، وأصلها الدعاء بالحياة. والتحية: السلام، وهذا المعنى هو المراد هنا، ومثله قوله تعالى: {وَإِذَا جَاءوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيّكَ بِهِ الله} [المجادلة: 8] وإلى هذا ذهب جماعة المفسرين، وروي عن مالك أن المراد بالتحية هنا: تشميت العاطس.
وقال أصحاب أبي حنيفة، التحية هنا الهدية لقوله: {أَوْ رُدُّوهَا} ولا يمكن ردّ السلام بعينه، وهذا فاسد لا ينبغي الالتفات إليه. والمراد بقوله: {فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا} أن يزيد في الجواب على ما قاله المبتدئ بالتحية، فإذا قال المبتدئ: السلام عليكم، قال المجيب: وعليكم السلام ورحمة الله، وإذا زاد المبتدئ لفظاً زاد المجيب على جملة ما جاء به المبتدئ لفظاً أو ألفاظاً نحو: وبركاته، ومرضاته، وتحياته.
قال القرطبي: أجمع العلماء على أن الابتداء بالسلام سنة مرغب فيها، وردّه فريضة لقوله: {فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} واختلفوا إذا ردّ واحد من جماعة هل يجزئ أو لا؟ فذهب مالك، والشافعي إلى الإجزاء، وذهب الكوفيون إلى أنه لا يجزئ عن غيره، ويردّ عليهم حديث عليّ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يجزئ عن الجماعة إذا مرّوا أن يسلم أحدهم، ويجزئ عن الجلوس أن يردّ أحدهم» أخرجه أبو داود، وفي إسناده سعيد بن خالد الخزاعي المدني، وليس به بأس، وقد ضعفه بعضهم.
وقد حسن الحديث ابن عبد البرّ.
ومعنى قوله: {أَوْ رُدُّوهَا} الاقتصار على مثل اللفظ الذي جاء به المبتدئ، فإذا قال السلام عليكم، قال المجيب: وعليكم السلام.
وقد ورد في السنة المطهرة في تعيين من يبتدئ بالسلام، ومن يستحق التحية ومن لا يستحقها ما يغني عن البسط هاهنا. قوله: {إِنَّ الله كَانَ على كُلّ شَئ حَسِيباً} يحاسبكم على كل شيء وقيل: معناه حفيظاً وقيل: كافياً، قولهم أحسبني كذا: أي: كفاني، ومثله: {حَسْبَكَ الله} [الأنفال: 62، 64].
قوله: {الله لاَ إله إِلاَّ هُوَ} مبتدأ وخبر، واللام في قوله: {لَيَجْمَعَنَّكُمْ} جواب قسم محذوف، أي: والله ليجمعنكم الله بالحشر إلى يوم القيامة، أي: إلى حساب يوم القيامة وقيل: {إلى} بمعنى في، وقيل: إنها زائدة.
والمعنى: ليجمعنكم يوم القيامة، و{يَوْمُ القيامة} يوم القيام من القبور {لاَ رَيْبَ فِيهِ} أي: في يوم القيامة، أو في الجمع، أي: جمعاً لا ريب فيه: {وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ الله حَدِيثاً} إنكار لأن يكون أحد أصدق منه سبحانه. وقرأ حمزة، والكسائي، {ومن أزدق} بالزاي. وقرأ الباقون بالصاد، والصاد الأصل.
وقد تبدل زاياً لقرب مخرجها منها.
وقد أخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن أبي سنان في قوله: {وَحَرّضِ المؤمنين} قال: عظهم.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {مَّن يَشْفَعْ شفاعة حَسَنَةً} الآية، قال: شفاعة الناس بعضهم لبعض.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مّنْهَا} قال: حظ منها. وقوله: {كِفْلٌ مَّنْهَا} قال: الكفل هو الإثم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السدي قال: الكفل الحظ.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي، عن ابن عباس في قوله: {وَكَانَ الله على كُلّ شَئ مُّقِيتاً} قال: حفيظاً.
وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن عبد الله بن رواحة: أنه سأله رجل، عن قول الله: {وَكَانَ الله على كُلّ شَئ مُّقِيتاً} قال: يقيت كل إنسان بقدر عمله. وفي إسناده رجل مجهول.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {مُّقِيتاً} قال: شهيداً.
وأخرج ابن جرير عنه {مُّقِيتاً} قال: شهيداً حسيباً حفيظاً.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن سعيد بن جبير في قوله: {مُّقِيتاً} قال: قادراً.
وأخرج ابن جرير، عن السدّي قال: المقيت القدير.
وأخرج أيضاً، عن ابن زيد مثله.
وأخرج ابن أبي حاتم، عن الضحاك قال: المقيت الرزاق.
وأخرج ابن أبي شيبة، والبخاري في الأدب المفرد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس قال: من سلم عليك من خلق الله، فاردد عليه، وإن كان يهودياً، أو نصرانياً، أو مجوسياً، ذلك بأن الله يقول: {وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ} الآية.
وأخرج أحمد في الزهد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والطبراني، وابن مردويه. قال السيوطي بسند حسن عن سلمان الفارسي قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: السلام عليك يا رسول الله، فقال: «وعليك ورحمة الله، ثم أتى آخر، فقال: السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله، فقال: وعليك ورحمة الله وبركاته، ثم جاء آخر، فقال: السلام عليك ورحمة الله وبركاته، فقال له: وعليك، فقال له الرجل: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي أتاك فلان وفلان فسلما عليك، فرددت عليهما أكثر مما رددت علي؟ فقال: إنك لم تدع لنا شيئاً، قال الله: {وَإِذَا حُيّيتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا} فرددناها عليك».
وأخرج البخاري في الأدب المفرد، عن أبي هريرة: أن رجلاً مرّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في مجلس، فقال: سلام عليكم، فقال: «عشر حسنات»، فمرّ رجل آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله، فقال: عشرون حسنة، فمرّ رجل آخر، فقال: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فقال: «ثلاثون حسنة».
وأخرج البيهقي في شعب الإيمان عن ابن عمر مرفوعاً نحوه.
وأخرج البيهقي، عن سهل بن حنيف مرفوعاً نحوه أيضاً.
وأخرج أحمد، والدارمي، وأبو داود، والترمذي وحسنه، والنسائي، والبيهقي، عن عمران بن حصين مرفوعاً نحوه أيضاً، وزاد بعد كل مرّة أن النبي صلى الله عليه وسلم ردّ عليه، ثم قال: «عشر» إلى آخره.
وأخرج أبو داود، والبيهقي عن معاذ بن أنس الجهني مرفوعاً نحوه. وزاد بعد قوله وبركاته: ومغفرته، فقال: «أربعون»، يعني حسنة.

.تفسير الآيات (88- 91):

{فَمَا لَكُمْ فِي الْمُنَافِقِينَ فِئَتَيْنِ وَاللَّهُ أَرْكَسَهُمْ بِمَا كَسَبُوا أَتُرِيدُونَ أَنْ تَهْدُوا مَنْ أَضَلَّ اللَّهُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ سَبِيلًا (88) وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا (89) إِلَّا الَّذِينَ يَصِلُونَ إِلَى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِيثَاقٌ أَوْ جَاءُوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ أَنْ يُقَاتِلُوكُمْ أَوْ يُقَاتِلُوا قَوْمَهُمْ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90) سَتَجِدُونَ آَخَرِينَ يُرِيدُونَ أَنْ يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُوا قَوْمَهُمْ كُلَّ مَا رُدُّوا إِلَى الْفِتْنَةِ أُرْكِسُوا فِيهَا فَإِنْ لَمْ يَعْتَزِلُوكُمْ وَيُلْقُوا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ وَيَكُفُّوا أَيْدِيَهُمْ فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأُولَئِكُمْ جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطَانًا مُبِينًا (91)}
الاستفهام في قوله: {مَالَكُمْ} للإنكار، واسم الاستفهام مبتدأ، وما بعده خبره. والمعنى: أي شيء كائن لكم {فِى المنافقين} أي: في أمرهم وشأنهم حال كونكم {فِئَتَيْنِ} في ذلك. وحاصله الإنكار على المخاطبين أن يكون لهم شيء يوجب اختلافهم في شأن المنافقين.
وقد اختلف النحويون في انتصاب فئتين، فقال الأخفش، والبصريون على الحال، كقولك: مالك قائماً.
وقال الكوفيون انتصابه على أنه خبر لكان، وهي مضمرة، والتقدير: فما لكم في المنافقين كنتم فئتين. وسبب نزول الآية ما سيأتي وبه يتضح المعنى. وقوله: {والله أَرْكَسَهُمْ} معناه ردّهم إلى الكفر {بِمَا كَسَبُواْ} وحكى الفراء، والنضر بن شميل، والكسائي أركسهم وركسهم، أي: ردّهم إلى الكفر، ونكسهم، فالركس والنكس: قلب الشيء على رأسه، أو ردّ أوله إلى آخره، والمنكوس المركوس، وفي قراءة عبد الله بن مسعود وأبيّ: {والله ركسهم} ومنه قول عبد الله بن رواحة:
اركسوا في فئة مظلمة ** كسواد الليل يتلوها فتن

والباء في قوله: {بِمَا} سببية، أي أركسهم بسبب كسبهم، وهو لحوقهم بدار الكفر. والاستفهام في قوله: {أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ الله} للتقريع والتوبيخ، وفيه دليل على أن من أضله الله لا تنجع فيه هداية البشر {إِنَّكَ لاَ تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ ولكن الله يَهْدِى مَن يَشَآء} [القصص: 56] قوله: {وَمَن يُضْلِلِ الله فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} أي: طريقاً إلى الهداية.
قوله: {وَدُّواْ لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُواْ فَتَكُونُونَ سَوَاء} هذا كلام مستأنف يتضمن بيان حال هؤلاء المنافقين، وإيضاح أنهم يودّون أن يكفر المؤمنون كما كفروا، ويتمنوا ذلك عناداً وغلوّاً في الكفر وتمادياً في الضلال، فالكاف في قوله: {كَمَا} نعت مصدر محذوف، أي: كفراً مثل كفرهم، أو حال، كما روي عن سيبويه. قوله: {فَتَكُونُونَ سَوَاء} عطف على قوله: {تَكْفُرُونِ} داخل في حكمه، أي: ودّوا كفركم ككفرهم، وودّوا مساواتكم لهم. قوله: {فَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ أَوْلِيَاء} جواب شرط محذوف، أي: إذا كان حالهم ما ذكر فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يؤمنوا، ويحققوا إيمانهم بالهجرة {فَإِن تَوَلَّوْاْ} عن ذلك {فَخُذُوهُمْ} إذا قدرتم عليهم {واقتلوهم حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} في الحلّ والحرم {وَلاَ تَتَّخِذُواْ مِنْهُمْ وَلِيّاً} توالونه {وَلاَ نَصِيراً} تستنصرون به.
قوله: {إِلاَّ الذين يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ميثاق} هو: مستثنى من قوله: {فَخُذُوهُمْ واقتلوهم} أي: إلا الذين يتصلون، ويدخلون في قوم بينكم وبينهم ميثاق بالجوار والحلف، فلا تقتلوهم لما بينهم وبين من بينكم وبينهم عهد وميثاق، فإن العهد يشملهم. هذا أصح ما قيل في معنى الآية. وقيل الاتصال هنا: هو اتصال النسب.
والمعنى: إلا الذين ينتسبون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق، قاله أبو عبيدة، وقد أنكر ذلك أهل العلم عليه؛ لأن النسب لا يمنع من القتال بالإجماع، فقد كان بين المسلمين وبين المشركين أنساب، ولم يمنع ذلك من القتال.
وقد اختلف في هؤلاء القوم الذين كان بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ميثاق، فقيل: هم قريش كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم ميثاق {والذين يَصِلُونَ} إلى قريش هم: بنو مدلج. وقيل: نزلت في هلال بن عويمر، وسراقة بن جعشم، وخزيمة بن عامر بن عبد مناف، كان بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم عهد. وقيل: خزاعة. وقيل: بنو بكر بن زيد.
قوله: {أَوْ جَاءوكُمْ حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} عطف على قوله: {يَصِلُونَ} داخل في حكم الاستثناء، أي: إلا الذين يصلون، والذين جاءوكم، ويجوز أن يكون عطفاً على صفة قوم، أي: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم وبينهم ميثاق، والذين يصلون إلى قوم جاءوكم حصرت صدورهم، أي: ضاقت صدورهم، عن القتال، فأمسكوا عنه والحصر: الضيق، والانقباض. قال الفراء: وهو: أي: {حصرت صدورهم} حال من المضمر المرفوع في جاءوكم، كما تقول: جاء فلان ذهب عقله، أي: قد ذهب عقله.
وقال الزجاج: هو خبر بعد خبر، أي: جاءوكم. ثم أخبر، فقال: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} فعلى هذا يكون حصرت بدلا من جاءوكم، وقيل: حصرت في موضع خفض على النعت لقوم. وقيل التقدير: أو جاءوكم رجال، أو قوم حصرت صدورهم. وقرأ الحسن: {أَوْ جَاءوكُمْ حصرةً صُدُورُهُمْ} نصباً على الحال. وقرئ: {حصرات} و{حاصرات}.
وقال محمد بن يزيد المبرّد: حصرت صدورهم هو دعاء عليهم، كما تقول لعن الله الكافر، وضعفه بعض المفسرين، وقيل: {أو} بمعنى (الواو).
وقوله: {أن يقاتلونكم أَوْ يقاتلوا قَوْمَهُمْ} هو متعلق بقوله: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} أي: حصرت صدورهم عن قتالكم، والقتال معكم لقومهم، فضاقت صدورهم عن قتال الطائفتين، وكرهوا ذلك {وَلَوْ شَاء الله لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ} ابتلاء منه لكم، واختباراً، كما قال سبحانه: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حتى نَعْلَمَ المجاهدين مِنكُمْ والصابرين وَنَبْلُوَ أخباركم} [محمد: 31] أو تمحيصاً لكم، أو عقوبة بذنوبكم، ولكنه سبحانه لم يشأ ذلك، واللام في قوله: {فلقاتلوكم} جواب لو على تكرير الجواب، أي: لو شاء الله لسلطهم ولقاتلوكم، والفاء للتعقيب {فَإِنِ اعتزلوكم} ولم يتعرضوا لقتالكم {وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السلم} أي: استسلموا لكم، وانقادوا {فَمَا جَعَلَ الله لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلاً} أي: طريقاً، فلا يحلّ لكم قتلهم، ولا أسرهم ولا سلب أموالهم، فهذا الاستسلام يمنع من ذلك ويحرّمه {سَتَجِدُونَ ءاخَرِينَ يُرِيدُونَ أَن يَأْمَنُوكُمْ وَيَأْمَنُواْ قَوْمَهُمْ} فيظهرون لكم الإسلام، ويظهرون لقومهم الكفر؛ ليأمنوا من كلا الطائفتين، وهم قوم من أهل تهامة طلبوا الأمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأمنوا عنده، وعند قومهم.
وقيل هي في قوم من أهل مكة. وقيل: في نعيم بن مسعود، فإنه كان يأمن المسلمين والمشركين. وقيل: في قوم من المنافقين. وقيل: في أسد وغطفان {كُلَّمَا رُدُّواْ إِلَى الفتنة} أي: دعاهم قومهم إليها، وطلبوا منهم قتال المسلمين {أُرْكِسُواْ فِيِهَا} أي: قلبوا فيها، فرجعوا إلى قومهم، وقاتلوا المسلمين، ومعنى الارتكاس: الانتكاس {فَإِن لَّمْ يَعْتَزِلُوكُمْ} يعني هؤلاء الذين يريدون أن يأمنوكم، ويأمنوا قومهم {وَيُلْقُواْ إِلَيْكُمُ السلم} أي: يستسلمون لكم، ويدخلون في عهدكم وصلحكم، وينسلخون عن قومهم {وَيَكُفُّواْ أَيْدِيَهُمْ} عن قتالكم {فَخُذُوهُمْ واقتلوهم حَيْثُ ثِقِفْتُمُوهُمْ} أي: حيث وجدتموهم وتمكنتم منهم {وَأُوْلَئِكُمْ} الموصوفون بتلك الصفات {جَعَلْنَا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سلطانا مُّبِيناً} أي: حجة واضحة تتسلطون بها عليهم، وتقهرونهم بها بسبب ما في قلوبهم من المرض، وما في صدورهم من الدغل، وارتكاسهم في الفتنة بأيسر عمل، وأقلّ سعي.
وقد أخرج البخاري، ومسلم، وغيرهما من حديث زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد، فرجع ناس خرجوا معه، فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم فرقتين، فرقة تقول نقتلهم، وفرقة تقول لا، فأنزل الله: {فَمَا لَكُمْ في المنافقين فِئَتَيْنِ} الآية كلها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وإنها طيبة، وإنها تنفي الخبث، كما تنفي النار خبث الفضة» هذا أصح ما روي في سبب نزول الآية، وقد رويت أسباب غير ذلك.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس: {والله أَرْكَسَهُمْ} يقول: أوقعهم.
وأخرج ابن جرير، وابن المنذر عنه قال: ردهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن ابن عباس في قوله: {إِلاَّ الذين يَصِلُونَ إلى قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ ميثاق} قال: نزلت في هلال بن عويمر، وسراقة بن مالك المدلجي، وفي بني خزيمة بن عامر بن عبد مناف.
وأخرج أبو داود في ناسخه، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، والنحاس، والبيهقي في سننه عنه في قوله: {إِلاَّ الذين يَصِلُونَ} الآية، قال: نسختها براءة {فَإِذَا انسلخ الاشهر الحرم فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5].
وأخرج ابن جرير وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن السديّ: {حَصِرَتْ صُدُورُهُمْ} يقول: ضاقت صدورهم.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن الربيع {وَأَلْقَوْاْ إِلَيْكُمُ السلم} قال: الصلح.
وأخرج عبد الرزاق، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة في قوله: {فَإِنِ اعتزلوكم} الآية، قال: نسختها: {فاقتلوا المشركين حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ} [التوبة: 5] وأخرج ابن جرير، عن الحسن، وعكرمة في هذه الآية قال: نسختها براءة.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن مجاهد في قوله: {سَتَجِدُونَ ءاخَرِينَ} الآية، قال: ناس من أهل مكة كانوا يأتون النبي صلى الله عليه وسلم فيسلمون رياء، ثم يرجعون إلى قومهم، فيرتكسون في الأوثان يبتغون بذلك أن يأمنوا هاهنا وهاهنا، فأمر بقتالهم إن لم يعتزلوا ويصالحوا.
وأخرج عبد بن حميد، وابن جرير، وابن المنذر، وابن أبي حاتم، عن قتادة أنهم ناس كانوا بتهامة.
وأخرج ابن جرير، وابن أبي حاتم، عن السديّ أنها نزلت في نعيم ابن مسعود.